نص أشباح الشاطئ (الأولى إعدادي)
المجال: السكاني
المكون: القراءة
الموضوع: أشباح الشاطئ
الكتاب المدرسي: المختار في اللغة العربية
نص الانطلاق:
أَشْبَاحُ الشَّاطِئِ أمضى النهار و هو منتصب مثل شبح ازرق على صخرة مسننة ناتئة، ينزل الماء المتطاير باردا فلا يكترث، يشد بكفيه على قصبة طويلة، و يراقب بانتباه رأسها الدقيق الذي ينحني كان شيئا يجذبه، ثم يعلو فجاة دون جدوى ، و يلتفت نحو صياد اخر لا يعرف اسمه، و هو ايضا منتصب مثل شبح ازرق. و هو ايضا كلما علا راس قصبته فجاة ، التفت نحو جاره على بعد خطوات منه، فراه مستغرقا كما لو ان ما حوله لا يعنيه. كل صباح يلتقيان عند مدخل الشاطىء فلا يعبآن ببعضهما. يتبادلان نظرات خاطفة، و يفسح احدهما الطريق للاخر، ثم يتجهان نحو ن الصخور العالية. ياخذ كل منهما مكانه، يرفع قصبته و يولي وجهه نحو الماء. و حينما تمتد امواج البحر، و يغطي الصخور بخار ابيض تختفي ملامح و جهيهما ، و يبدوان في ثيابهما الداكنة تماما مثل شبحين ازرقين. فينظر احدهما الى الاخرفي خوف كان ماردا رهيبا يهدد حياته، و يمكث على حذر حتى يخف البخار او يغادر الى بيته. منذ سنوات قالت له كلثوم: ان البحر غير عادته، و ان بفي على حاله سيرحل لا محالة. كان رزقه وافر، السمك متعدد الالوان و الاحجام، طري باذخ.يملاء الغرباوي سلته دون عناء ، و يهرع الىمك و البوطة الصغيرة الزرقاء سوق القرية على بعد دقائق. يبيع جزاء منها ، و يحث الخطوة باتجاه بيته. يجد كلثوم في انتظاره ، تقفز عندما يطرق الباب فتفتح له،فينادي عليها بصوت عال، و هي في وسط الدار، كي تفتح كوة اخرى لينفذ الهواء و تخف الرائحة. اليوم يترحم عليها ، و يذكر انها حملت معها هموم البلاد و العباد ، و ربما ابنتها نسيت كل شيء. تبدو غير آبهة ، تزور والدها مرة او مرتين كل شهر. تدخل عليه و تمكث واقفة (لا يهمها السمك و البوطة الصغيرة الزرقاء، تعتني بوجهها كثيرا ، الغرباوي لا يطيل النظر اليها). لم ينتبه امس و هي تخبره دون ارتباك بان شابا يعمل بمدرسة الحي سيطلب يدها في اخر الشهر ، لبث جامدا كانه لم يسمع شيئا ن ثم رفع راسه فجاة و بدا مبهورا. تفرس فيها طويلا قبل ان يسألها عما قالت، فاخبرته مرة اخرى ، و صمت لحظة ثم سالها عن الشاب. ردت بسرعة انه لا ياخذ راتبه بعد، و لم يجد لنفسه مسكنا ، و انهما ينويان الاقامة معه الى ان يتسلم راتبه و تبني له الوزارة مسكنا. لاحت على فمه ابتسامة ربما يستخف بها ، ظلت تنظر اليه، لم يتكلم. بعد برهة سحبت من حقيبتها ورقة مالية باهتة و طرحتها أمامه، ثم مالت بجسدها الخفيف لتخرج. ارتفع ماء البحر، و الغرباوي ما زال ممسكا قصبته بأحكام، ينظر بعيدا و الأمواج العاتية تتلاطم بلا انقطاع. مرت من فوق راسه طائرة ضخمة، سمع هديرها الطويل فتوقف يحدق فيها، و لما اختفت احنى راسه فراى الصياد الاخر، و هو ايضا سمع هدير الطائرة فتوقف يحدق فيها. و لما اختفت مشى في خطى و حيدة نحو الغرباوي. - هل نحن عدوان؟ رد الغرباوي ضاحكا: - أبدا، لم يحدث بيننا ما يجعلنا عدوين ، العدو هو من ياكل لحم بني آدم. - ولماذا لا نكلم بعضنا؟ ثم قرب منه السلة ، فلاحت سمكتان صغيرتان لامعتان. ابتسم الغرباوي ابتسامة كبيرة ، مط حاجبيه و دنا منهما بوجهه. اخذ الرجل احدى السمكتين و مدها للغرباوي قائلا: - خذ هذه لتتعشى بها و لا تنسى ان تعيدها الي عندما يجود عليك البحر. الحزام الكبير دار الامان ط1 2003 صص 31-38 (بتصرف). |
أولا: تأطير النص وملاحظته
1. تأطير النص:
أ. صاحب النص:
محمد غرناط كاتب مغربي من مواليد مدينة بني ملال سنة 1953م ، من مؤلفاته :"سفر في أودية ملغومة " متاع الأبكم " الحزام الكبير" الذي أخذ منه هذا النص .
ب. نوع النص ومصدره:
النص عبارة عن قصة قصيرة ذات بعد اجتماعي، مقتطف من "الحزام الكبير" دار الأمان، ط 1/2003.
ج. مجال النص:
يندرج النص ضمن المجال السكاني.
2. ملاحظة النص:
أ. قراءة في العنوان:
+تركيبيا: يتركب من مضاف ومضاف إليه ، وهو خبر لمبتدأ محذوف.
+دلاليا: يشير إلى صيادين بثيابهما الزرقاء الداكنة يجلسان على صخرتين دون حراك وكأنهما شبحين.
ب. قراءة في الصورة:
صورة فوتوغرافية لحادث سير خطير.
ج. فرضية القراءة:
انطلاقا من قراءة بداية النص ونهايته يتضح أن النص سيتحدث عن توطيد العلاقة بين صيادين.
ثانيا: فهم النص
1. الإيضاح اللغوي:
2. الحدث الرئيسي:
النموذج 1:
معاناة الصيادين من قلة غلة البحر وتوثر العلاقة بينهما في البداية لهذا السبب، لكنها توطدت في النهاية بعد مساعدة الصياد الآخر للغرباوي.
النموذج 2:
رصد الكاتب لمساهمة الظروف الاجتماعية الصعبة في توطيد العلاقة بين الناس .
3. الأحداث الجزئية:
- تشبيه الكاتب للصيادين بالشبحين و اعتباره التجاهل القاسم المشترك بينهما.
- استرجاع الغرباوي الايام السعيدة التي قضاها مع زوجته الراحلة و هو في حسرة.
- تذكر الغرباوي ابنته التي لا تفكر الا في نفسها واصرارها على الزواج والسكن معه.
- المبادرة التي قام بها الصياد الاخر ليتقرب من الغرباوي و ليتقاسم معه السمك رغبة في صداقته.
ثالثا: تحليل النص
1. الحقول الدلالية:
معجم البحر | معجم الفقر |
الماء المتطاير، قصبة طويلة، صياد آخر، الصخور للعالية، أمواج البحر، السمك متعدد الألوان... | دون جدوى، البحر غير عادته، سيرحل، كان رزقه وافرا، ورقة مالية باهتة، عندما يجود عليك البحر... |
التعليق على الجدول: تربط بين المعجمين علاقة تفاعل وترابط، تنسجم مع ما أكده الكاتب على أن افتقار البحر لخيراته هو سبب في معاناة الصيادين من الفقر المدقع.
2. الخطاطة السردية:
البداية |
عمليات التحول |
النهاية |
||
الحدث المحرك |
العقدة |
الحل |
||
برودة العلاقة بين الصيادين |
مبادرة الصياد
الآخر للتواصل مع الغرباوي، وإنهاء القطيعة بينهما |
مساعدة الصياد
الآخر للغرباوي في محنته |
سعادة
الغرباوي بمساعدة الصياد الآخر له |
توطد العلاقة
بين الغرباوي و الصياد الآخر |
3. العلاقة بين الشخصيات:
علاقة الغرباوي بالصياد: كانت العلاقة بينهما باردة ثم أصبحت وطيدة.
علاقة الغرباوي بزوجته: علاقة حميمية لكنه يتحسر على انقطاعها بسبب وفاتها.
علاقة الغرباوي بابنته: علاقة تطبعها اللامبالاة والأنانية من جانب البنت.
4. أساليب النص:
أسلوب السرد: أمضى .. فلا يكترث...
أسلوب الاستفهام: هل نحن عدوان ؟ ولماذا...؟
أسلوب الحوار: رد الغرباوي ضاحكا...
5. قيم النص:
يتضمن النص مجموعة من القيم من بينها: حماية البحر من التلوث، التكافل، التضامن...
رابعا: تركيب
النموذج 1:
تبدأ القصة بإبراز الكاتب لبرودة العلاقة بين الغرباوي والصياد الآخر، هذا الأخير الذي بادر إلى إنهاء القطيعة وتقديم المساعدة للغرباوي في محنته مع الفقر وقلة غلة البحر، طالبا منه القيام بالمثل عندما يجود البحر بعطاياه. هكذا تنتهي القصة بتوطد العلاقة بين الصيادين اللذين يعيشان نفس المعاناة في ظل افتقار البحر وندرة أسماكه.
النموذج 2:
يحكي الكاتب قصة صياد السمك "الغرباوي" واصفا حاله البئيس مشيرا الى العلاقة التي تربطه بجاره الصياد والتي كانت تتميز بالبرودة والتجاهل ، ثم تحولت الى علاقة صداقة بمبادرة من الصياد الاخر بعدما راى الغرباوي مستغرقا في التفكير في زوجته التي ماتت وتركته يقاسي الفقر والوحدة رغم زيارة ابنته له ، لانها لا تفكر الا في نفسها وأمورها الشخصية.