آخر الأخبار

تحضير نص محبة الأرض (الثانية إعدادي)

نص محبة الأرض (الثانية إعدادي)

المجال: السكاني
المكون: القراءة
الموضوع: محبة الأرض
الكتاب المدرسي: في رحاب اللغة العربية

نص الانطلاق:

محبة الأرض

رفع الفأس بيديـن معروقتين بقوة قبل أن يهوي بها على الأرض وكانـت السماء صافية والشمس تبدد بحرارتها برد الصباح وبقايا الضباب الذي كان يجثم على التلال المنخفظة وأرسل عميقا وهو يلقي بقطعة سوداء مـن التراب،  إن أفكارا تجيش في خاطره فتكاد تقلقه وتنغص عليـه عيشه لقد حصل على قطعة أرض بصعوبة ومنذ أكثر من ست سنوات وهو يـؤدي ثمنها أقساطا للحاج عبد الله الذي رحل مع أولاده وأسرته إلى مدية الدار البيضاء للسكنى في بيت من الصفيح اشتراه هو الآخر من الأرملة «فاطمة» التي تربطه بها وشائج عائلية إن صديقيه «والسي حمو» ينصحانه «والسي قدور» ينصحانه بأن يزرع أرضه الجديدة بالذرة والشعير، بينما هـو في قرارة نفسه يعتزم في تجربة فلاحية جديدة إن مشروعا عزيزا إلى نفسه تكاد خطوطه تتم كلها في مخيلته لكن كيف يتصرف؟ ومن أين يبدأ؟

كان يخيل إليه وهو يهوي بفأسه على الأرض في إيقاع رتيب بأنه لا بد أن يأتي اليوم الذي قد تتحول فيه أرضـه إلى بستان أخضر. وارف الظلال. وغزير الإنتاج بيد أن شيئا واحـدا كان يقف حجر عثرة دون تحقيق مشروعيه ...،  المـال والوسائل؟ وحدق بعينين فيهمـا بريق الأمل إلى أغوار حفـرة كانـت على مقربة منه، ثـم دنا منها وجعـل يتحسس ترابها بأصابعـه، فألقـاه مبلـلا وتمتم هامسا:

ـ لا بد أن يكون الماء قريبا.

وبينما كان سارخا في تأملاته إذا به يسمع من الخلف صوتا مألوفا لديه.

ـ صباح الخير السي بوحيى.

والتفت ليرى صاحبه القريب السي حمدان مقبلا عليه وهو يخاطبه بصوت أجش.

ـ أراك «يا السي بوحيى» مشغولا هذه الأيام بحفر الأرض ... فماذا تراك تنتظر منها...؟

وصـوب إليه «السي بوحيى» نظرات صامتة، ولـم يقل شيئا  بيـد أن  «السي حمدان» استأنف بزهو قائلا:

ـ في علمـك بدون شك أنني وأسرتي سنرحل إلى البيضاء بعد شهر بقصد الإقامة بها نهائيا.

وهنا بادره «السي بوحى» وهو يتمسك بفأسه بعد أن توقف لحظة عن الخدمة.

ـ لكن هل أعددت ما يلزمك من مصاريف ووسائل العيش؟

ـ أموري  مدبـرة ... «زوجة» الحرث بعتها .. والغنم سأبعث بهـا إلى السـوق قريبا، ثم إني لا أهتم بهـذه الأشياء وإنما سأرحل على بركة الله.    

والسكنى ...؟

ـ «براكة» من الخشب استلمت مفتاح قفلها أخيرا وهي كافية لتأويني ... أنا والعائلة.

ـ هذا هو الغلط «السي حمدان».

ـ غلط ...؟

ـ نعـم وإلا كيف يمكنك أن تعيش كفـلاح في مدينة صاخبـة كالبيضاء لا تتوقف حركتها في الليل وفي النهار ...؟

ـ بالعكس «السي بوحيى» إن فلاحين كثيرين وأنت تعرفهم ... منهم «السي جلول» و«الطاهر» و«الحـاج فضول» رحلوا بدورهم إلى المدينة منـذ أكثر من خمس سنوات وهـم يعيشون الآن في أحسـن الظـروف والأحـوال.

ـ ومن قال لك إنهم في أحسن حال...؟.

ـ كل الذين يعودون من البيضاء لقضاء أيام في القرية يؤكدون هذه الحقيقية ...

وأحنى «السي بوحيى» رأسه وشد قبضته على الفأس في حالة مـن الانفعال الذي سيطر على أعصابه فجأة، وتتابع وقـع الفأس وهي تعلـو وتنزل على الأرض.

وعـاد «السي حمدان» دون أن يضيف شيئا جـديدا إلى ما قالـه وغمغم هامسا،  وهو في طريقه إلى بيته.

ـ مسكين جاري المعذب ... المفتون بحفر الأرض والباحث في أعماقها ... ما شاء الله ... كيف يهلـك  صحته...؟

وظل «السي بوحيى» وحده يستعيد مع نفسـه ما سمعه من «السي حمدان» وتسـاءل في قرارة أعماقه، أأكون أنا المخطئ وهو المصيب...؟ أصحيح أن الذين يرحلون إلى المدينة للإقامة يعيشون أحسن؟ وحتى عند عودته إلى داره القائمة بجوار «البرية» العجوز يفصلها عن بيت «السي حمدان» سياج من القصب وأشجار صغيرة من الصفصاف. لاحظ ببديهته أن زوجته رحمة مطرقة صامتة على غير عادتها فبادر يستفسرها.

ـ أرى حالتك ليست على ما يرام... هل تحسين بتعـب ؟ مالك...؟

ـ لاشئ .

ـ قولي ... بماذا تحسين...؟ أتكون أعراض الحمل...؟ وانفجرت فجأة تنتحب وتركز في نفس الوقت زائغة على وجه زوجها الذي كان ينوء مـن الإرهاق ثم قالت:

ـ إنك تعلم أن دخلنا من الفلاحة قليل ... ولم يرحمنا الجفاف منذ سنتين. وأولادنا يجـب أن يعيشوا ويقرأوا في المدرسة... كيف..؟ وما العمل...؟

وهاله أن يـرى زوجته هي الأخرى تثبـط عزيمته وتطفئ جذوة حماسه كمـا فعل تماما جاره «السي حمدان» فقاطعها صارخا:

ـ رحمة ...أرجوك .., إفصحي.. ماذا تقولين؟

ـ أريد أن أقول إن جيراننا سيرحلون إلى المدينة ولا بد أن نفعل مثلهم.

وجلجـل صوته:

ـ اسكتي ... اسكتي يا امرأة. أتريدينني أن أرحل عـن قطعة الأرض التي اشتريتها من غرقي وجهدي؟ كيـف رحل عنها وقلبي يحدثني بأنها ستكون معطاءة وكريمة مـع أولادي..؟ كيف أرحل وأسكن في بيت من صفيح تحوله شمس الصيف إلى جحيم.. لا..لا يارحمة.. هـذا لن يكون أبدا.. مستحيل...

ثم سادتهما فترة صمت رهيبـة، بعدها عاد يقول، ولكـن في هدوء وسكينة، ودون أن يرفع رأسه.

صحيح يارحمة.. إننا نريد أن نعيش في ظروف أحسن، وأولادنا في حاجـة إلى القراءة،  لكني أرى أن العيش الكريـم مرهون بالعمل وحـده.. في المدينة أو في القرية..ولا أظن أن مدينة الدار البيضاء ستمنحنا بسهولة كنوزها في حالـة رحيلنا وسكنانا بها.. لا أعتقد ثم إني لا بـد أن أخبرك بأنه تقرر من طـرف الجماعة بناء مدرسة ابتدائية بجوار السوق، أما القرض الذي طلبته لغرس أشجار «الشهدية»، فقد وافـق عليه صندوق القرض الفلاحي كما أخبرني بذلك شيخ القبيلة،«السي الهاشمي».

وفي لحظة صمت حاسمة من عمر الزمـن في حياة أسرة «السي بوحيى» كان جهاز راديو صغير «ترانوستور» معلقا على الحائـط إلى جوار إطار يحتوي على صورة «سيدنا علي بـن أبي طالب » وهـو يشق رأس الغول إلى نصفين وبواسطة هـذا الجهاز كـان السي بوحيى يشرف على دنيـا جديدة، ويتلقى عن طريق ثقافة عامة في شتى المجالات، واقترب منه، وأدار مفتاحه عله يبعث في البيت أنسا ومـرحا، أو يستمع منه إلى أهازيج شعبية مـن «عيطة الحوز».

وكم فوجىء وهـو يستمع إلى خبـر لفت اهتمامه رشد حواسه كلها، ذلك أن جلالة الملك أعطى إشارة الانطلاق إلى رعاياه الفلاحين ليبدأو عملية الحرث الجماعية «التويزية» وتـذكر كلمة قالها جلالته، الفلاحة هي قبل كل شىء،  التفكير هي المحبة في الأرض، وهي مقابلة الأرض.

وتألق وجه «السي بوحيى» وأشرقت ملامحه بفرحة عارمة ودنا من زوجته رحمة وهو يهتف متحمسا.

ـ اسمعي يارحمة.. هـذا هو البرهان.. اسمعي.. ألست على حق..؟وكانت ابتسامة واسعة تنتشر قليلا على محيا زوجته، وأقبل الأولاد ـ«فضول» و «علي» و«خديجة» جذلين، فأحاطـوا بالراديو الصغير، فيما كان أبوهـم ينظر إلى فأسه الموضوعة في ركن البيت وابتسامـة الأمل تتألق على وجهه الأسمـر المعروق القوي الملامح.


مجلة دعوة الحق، العدد: 288، مارس 1984.

أولا: تأطير النص وملاحظته

1. تأطير النص:

أ. صاحب النص:

مُحَمَّد الْخَضِر الرّيسُونِي، كَاتِبٌ مَغْرِبيٌّ وُلدَ سَنَةَ 1930 بتطْوَانَ، وَبِهَا دَرَسَ بِالْمَعْهَدِ الدِّينِيِّ ثُمَّ الْتَحَقَ بِجَامِعَةِ الْقَرَوِيِّينَ بِفَاسَ، اشْتَغَلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِذَاعَتَيْ تَطْوَانَ وَالرِّبَاط. لَهُ عِدَّةُ إِنْتَاجَاتِ فِي الْمَقَالَةِ وَالْقِصَّةِ وَالْمَسْرَحَ مِنْ أَعْمَالِهِ الْقَصَصِيَّةِ: أَفْرَاحٌ وَدُمُوع، صُوَرٌ مِنْ حَيَاتِنَا الاجْتِمَاعِيَّة، رَبِيعُ الْحَيَاةِ.

ب. نوع النص ومصدره:

نص سردي ذو بعد سكاني وطابع توجيهي. مقتطف من: مَجلة دَعْوَة الْحَقِّ الْعَدَدُ: 288، مارس 1984.

ج. الاتجاه الأدبي:

يَنْدَرِجُ النَّصُّ فِي الْكِتَابَاتِ الْمُهْتَمَّةِ بِتَصْوِيرِ الْوَاقِع الاِجْتِمَاعِي، وَهُوَ هُنَا وَاقِعُ الْبَادِيَةِ الْمَغْرِبِيَّةِ، وَالْمَشَاكِلُ الَّتِي تُوَاجِهُ الْفَلَاحِينَ، وَظَاهِرَةُ الْهَجْرَةِ الْقَرَوِيَّةِ، وَمَا يَتَرَتْبُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ آثَارِ اجْتِمَاعِيَّةِ وَاقْتِصَادِيَّةِ

د. مجال النص:

يندرج النص ضمن المجال السكاني.

2. ملاحظة النص:

أ. قراءة في العنوان:

+تركيبيا: جاء العنوان جملة اسمية يتكون من: (محبة: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه، وهو مضاف)، (الأرض: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره).

+دلاليا: يشير العنوان إلى التمسك بالأرض، فيجب عدم التفريط فيها والعناية بها.

ب. قراءة في الصورة:

يتضمن النص صورتين فوتوغرافيتين، تشير الأولى إلى فلاح يقلب الأرض بالفأس، بينما تجسد الثانية مشهدا لحقل أو بستان به بعض الأشجار والنباتات.

ج. علاقة العنوان بالصورة:

علاقة ترابط تؤشر على أن الفلاح مرتبط بأرضه ويحبها حبا جما، ويبدل الجهد في العمل بها.

د. بداية النص ونهايته:

تؤشر البداية على أن الفلاح قلق على مستقبل أرضه، بينما توحي النهاية أن شيئا بدد هذا القلق وقدم له أملا.

هـ. فرضية القراءة:

من خلال مشيرات النص السابقة نفترض أنه سيتحدث عن تعلق الفلاح بأرضه وقلقه على مستقبلها لولا بارقة الأمل التي أشرقت في الأخير.

ثانيا: فهم النص

1. الإيضاح اللغوي:

معروقتين: مثنى معروقة، من العرق
تبدد: تزيل وتزيح
تنغص: تكدر
قرارة نفسه: أعماقه
حجرة عثرة: عائق أو مانع
ألفاه: وجده

2. الحدث العام:

إصرار سي يحيى على المكوث في القرية والعمل على تحقيق حلمه، وتحدي كل الصعوبات؛ لاقتناعه أن الحياة في القرية أفضل من الحياة في المدينة، التي أغرت جيرانه فغادروا مساكنهم في قريتهم ليسكنوا في دور الصفيح.

3. الأحداث الجزئية:

  •  انشغال السي يحيى بتفقد أرضه والتفكير بحماس في مشروعه الفلاحي الجديد. 
  • محاولة السي حمدان إغراء جاره السي يحيى بالهجرة إلى مدينة الدار البيضاء وإصرار هذا الأخير على عدم التفريط في أرضه.
  • إقناع السي يحيى زوجته برفض الهجرة إلى المدينة لمساوئها وسلبياتها.
  • ارتباط التي يحيى بأرضه وشعوره بالسعادة لالتفات الدولة إلى العالم القروي والاهتمام بساكنته وتعليم أبنائه.

ثالثا: تحليل النص

1. الخطاطة السردية:

المقاطع

عنوانها

مقطع البداية

قلق وحيرة

عمليات التحول

الحدث المحرك

تجربة فلاحية جديدة

العقدة

الهجرة والجفاف

الحل

محبة الأرض

مقطع النهاية

اشراقة أمل

2. دراسة الشخصيات:

الشخصيات

أوصافها

 سي يحيى

 فلاح، محب لأرضه، متمسك بها، معارض لفكرة الهجرة

 سي حمدان

 جار وصديق سي يحيى، محب لفكرة الهجرة

 رحمة

 زوجة سي يحيى، راغبة في الهجرة إلى المدينة، متأثرة بالجيران

3. البنية العلائقية بين الشخصيات:

الشخصيات

سي يحيى + زوجته

سي يحيى + سي حمدان

العلاقة بينهما

التواصل والمساعدة

القطيعة والمعارضة

الزمان والمكان في النص:

الزمان

المكان

الصباح، ست سنوات، اليوم، الأيام،  شهر، خمس سنوات

القرية، الأرض، السوق، الدار

4. أنماط الحكي:

السرد: من خلال سرد أحداث قصة سي يحيى مع الأرض وارتباطه العميق بها.

الحوار: للتعريف بالشخصية وللتعبير عن أفكارها ولإيهام القارئ بواقعية الأحداث.

الوصف: لإعطار بعد جمال للنص وتصوير الجو العام للأحداث والشخصيات.

5. قیم النص:

قيمة سكانية: تتمثل في التشبث بالأرض والمسكن.

قيمة اجتماعية: التحسيس بالظروف الاجتماعية التي يعيشها المهاجرون في الأحياء الهامشية للمدن الكبرى.

رابعا: تركيب

نموذج 1: يعالج الكاتب محمد الخضر الريسوني في هذا النص ظاهرة الهجرة القروية وما يترتب عنها من نتائج اجتماعية وخيمة من خلال شخصية السي يحيى، الذي أصر على التمسك بأرضه وعدم التفريط فيها، رافضا الهجرة إلى المدينة ، التي التحق بها معظم الجيران، و ترغب زوجته في ذلك و تلح إلحاحا. و تبريره هو تحقيق مشروعه الفلاحي، و عدم الارتماء في أحضاء مشاكل المدينة التي لا تعد ولا تحصى و قد استبشر خيرا بما تقوم به الدولة من تشجيع لاستقرار الفلاحين البسطاء، ببناء المدارس، و منحهم القروض و تنظيم عمليات الحرث الجماعية.

نموذج 2: بأسلوب سردي ممتع يعالج النص ظاهرة الهجرة القروية وما يترتب عَنْهَا من نتائج وخيمة مِنْ خِلَالِ شخصية السي يحيى أحد أبطال القصة، الَّذِي أصر على التمسك بأرضه وعدم التفريط فيها رافضا فكرة الرحيل التي حاول جاره السي حمدان أن يقنعه بِهَا، غير مبال بتوسلات زوجته التي حاولت هي كذلك أن تؤثر عَلَيْهِ وتدفعه إِلَى التخلي عَنْ أرضه أسوة بمعظم جيرانه من أهل القرية اللَّذِينَ فرطوا في أراضيهم وفضلوا السكن في أحياء الصفيح رغم الاهتمام الَّذِي أبدته الدولة تجاه البوادي والقرى ما يشجع الساكنة على الاستقرار و الاهتمام بأراضيهم و فلاحتهم وعدم الرضوخ لإغراءات المدينة التي لا تخلو من مشاكل وصعوبات.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-