آخر الأخبار

تحضير نص بائع الزهور (الأولى إعدادي)

نص بائع الزهور (الثانية إعدادي)

المجال: الاجتماعي والاقتصادي
المكون: القراءة
الموضوع: بائع الزهور
الكتاب المدرسي: المختار في اللغة العربية

نص الانطلاق:

بَائِعُ الزُّهُورِ

ففي عشيَّة يوم وقد جلستُ على شرفة النزل أتأمل العراك المستمر في ساحة المدينة، وأسمع جلبة باعة الشوارع ومُناداة كل منهم عن طيبِ ما لديه من السلع والمآكل، اقترب مني صبي ابن خمس سنين يرتدي أطمارًا بالية ويحمل على منكبيه طبقًا عليه طاقات الزهور، وبصوتٍ ضعيف الذل الموروث والانكسار الأليم قال:

- «أتشتري زهرًا يا سيدي؟» فنظرتُ إلى وجهه الصغير المصفر، وتأملتُ بعينيه المكحولتين بخيالات التعاسة والفاقة، وفمه المفتوح قليلًا كأنه جرح عميق في صدرٍ متوجع، وذراعيه العاريتين النحيلتين، وقامته الصغيرة المهزولة المنحنية على طبق الزهور كأنها غصن من الورد الأصفر الذابل بين الأعشاب النضيرة. تأملتُ بكل هذه الأشياء بلمحة، مُظهرًا شفقتي بابتسامة. أمَرُّ من الدموعِ تلك الابتسامات التي تنبثق من أعماق قلوبنا وتظهر على شفاهنا، ولو تركناها وشأنها لتصاعدت وانسكبت من مآقينا. ثم ابتعتُ بعض زهوره وبُغيتي ابتياع محادثته؛ لأنني شعرتُ بأن من وراء نظراته المُحزنة قلبًا صغيرًا يستر فصلًا من مأساة الفقراء الدائم تمثيلًا على مرسح الأيام، وقلَّ من يهتم بمشاهرتها لأنها موجعة. ولمَّا خاطبته بكلماتٍ لطيفة استأمن واستأنس ونظر إليَّ مُستغربًا؛ لأنه مثل أترابه الفقراء لم يتعوَّد غير خشن الكلام من الفتافي الذين ينظرون غالبًا إلى صبية الأزقَّة كأشياء قذرة لا شأن لها، وليس كنفوس صغيرة مكلومة بأسهم الدهر. وسألته إذ ذاك قائلًا:

- «ما اسمك؟»

فأجاب وعيناه مُطرقتان في الأرض:

- اسمي فؤاد!

قلت: ابن من أنت وأين أهلك»

- قال: أنا ابن مرتا البانية.

قلت: وأين والدك؟

فهزَّ رأسه الصغير كمن يجهل معنى الوالد، فقلت:

- وأين أمك يا فؤاد؟

قال: مريضة في البيت.

تجرَّعَتْ مسامعي هذه الكلمات القليلة من فم الصبي وامتصَّتها عواطفي مُبتدعة صورًا وأشباحًا غريبة محزنة؛ لأني عرفت بلحظة أن مرتا المسكينة التي سمعت حكايتها من ذلك القرويُّ هي الآن في الآن في بيروت مريضة. تلك الصبية التي كانت بالأمس مُستأمنة بين أشجار الأودية هي اليوم في المدينة تعاني مضض الفقر والأوجاع. تلك اليتيمة التي صرفت شبيبتها على أكُفِّ الطبيعة ترعى البقر في الحقول الجميلة قد انحدرت مع جرف نهر المدنية الفاسدة، وصارت فريسة بين أظافر التعاسة والشقاء.

المجموعة الكاملة لمؤلفات جبران خليل جبران، تقديم جميل جبر، دار الجيل، ط1، 1994، صص 111- 112. 

أولا: تأطير النص وملاحظته

1. تأطير النص:

أ. صاحب النص:

جبران خليل جبران، أديب وفنان لبناني، من شعراء المهجر، وُلِد عام 1883م، هاجر صبيًا مع عائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة وحصل على جنسيتها، أسس بمعيّة نخبة من أُدباء لبنان المقيمين هناك الرابطة القلميّة، من مؤلّفاته: الأجنحة المتكسرة، المواكب، عرائس المروج، البدائع والطرائف، النبي، توفي في نيويورك عام 1931م.

ب. نوع النص ومصدره:

نص سردي حكائي، مُقتطف من "المجموعة الكاملة لمؤلفات جبران خليل جبران"، تقديم جميل جبر، دار الجيل، ط1، 1994، صص 111- 112.

ج. مجال النص:

يندرج النص ضمن المجال الاجتماعي والاقتصادي.

2. ملاحظة النص:

أ. قراءة في العنوان:

+تركيبيا: يتركب من كلمتين تكون فيما بينها مركبا إضافيا، "بائع: مضاف"، "الزهور: مضاف إليه".

ويعرب على الشكل الآتي:

بائع: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا وهو مضاف.

الزهور: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.

+دلاليا: يشير العنوان دلاليا إلى شخص يتاجر في بيع الزهور، أي مهنة يمتهنها لكسب المال.

ب. قراءة في الصورة:

صورة فوتوغرافية تجسد مشهدا لمجموعة من الزهور مختلفة الألوان.

ج. فرضية القراءة:

انطلاقا من تحليلنا لعتبات النص (دلالة العنوان والصورة) نفترض أنه سيقص حكاية شخص يبيع الزهور.

ثانيا: فهم النص

1. الإيضاح اللغوي:

العراك: النزاع، الشجار، المُجادلة
خشن الكلام: سوء الكلام وقُبحه
يرتدي: يلبس
ابتعت: اشتريت
أترابه: أقرانه
الجَلَبَة: الضوضاء، الضجيج
الأطمار: الملابس البالية
الفاقة: الفقر، الحاجة
مضض: ألم
بغيتي: هدفي، غايتي
منكب: مجتمع رأس العضد والكتف
خيال: طيف
مكلومة: مجروحة، حزينة

2. الحدث الرئيسي:

وصف السارد للحالة النفسية والاجتماعية للطفل بائع الزهور ، مشيرا إلى الظروف التي دفعته إلى العمل.

3. الأحداث الجزئية:

  • اقتراب بائع الزهور من السارد المُتأمل حركة الباعة في ساحة المدينة.
  • ابتياع الكاتب الزهور من الطفل بغية محادثته ومعرفة سر حزنه وألمه.
  • تألم الكاتب على مارتا المريضة وحزنه عليها على ما تعانيه من شقاء في المدينة.

ثالثا: تحليل النص

1. الحقول الدلالية:

معجم الفقر

معجم التعاطف

أطمار بالية، صوت ضعيف، الانكسار، وجهه الصغير المُصفَر، التعاسة، الفاقة، نظراته المُحزنة، مأساة الفقراء.

ابتعت بعض زهوره، كلمات لطيفة، استأمن، استأنس، تجرعت مسامعي، امتصتها عواطفي.

العلاقة بين الحقلين: علاقة تكامل وترابط تنسجم مع تعاطف الكاتب مع وضع الطفل الفقير والبائس وأمه المريضة.

2. دراسة الشخصيات:

الشخصية

الاسم

الحالة النفسية

الحالة الاجتماعية

الطفل

فؤاد

الحزن،  التعاسة

الفقر، الحاجة

الأم

مارتا

التعاسة،  الشقاء

المرض، الفقر

3. مقارنة شخصية الأم بين البادية والمدينة:

الشخصية

حالتها بالأمس في البادية

حالتها اليوم في المدينة

الأم

مستأمنة بين أشجار الأودية، ترعى البقر في الحقول.

مريضة، تعيسة، شقيّة، تُعاني مضض الفقر والأوجاع.

4. الزمان والمكان في النص:

الزمان: عشيّة أحد الأيام.
المكان: شُرفة المنزل.

5. أساليب النص:

الأسلوب الخبري في سرد أحداث القصة: ويتمثل في استخدام الأفعال الماضية، مثل: (جلست على شرفى المنزل ... اقترب مني صبي ... فنظرت إلى وجهه الصغير ... وتأملت عينيه ... ونظر إلى مُستغربًا).

أُسلوب الاستفهام: مثل: (أتشتري زهرًا يا سيدي؟ ... ما اسمك؟).

أُسلوب الحوار: كالذي دار بين السارد والطفل فؤاد.

أُسلوب الوصف: لإعطاء بُعد جمالي للنص وتصوير الجو العام للأحداث وتصوير الشخصيات، مثل: (صوتٍ ضعيف ... وجهه الصَّغير المُصفرِّ).

6. قيم النص:

يتضمن النص مجموعة من القيم تتمثل في: التكافل، الرحمة، العطف، الحق في حياة كريمة...

رابعا: تركيب

النموذج الأول:

تترك ظاهرة عمالة الأطفال آثارا سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام، وعلى الأطفال بشكل خاص، ولقد أخذ هذا الاستغلال أشكالا عديدة أهمها؛ تشغيل الأطفال في أعمال غير مؤهلين جسديا ونفسيا للقيام بها، علما أن العديد من الاتفاقيات الدولية قد جرَّمت بدورها الاستغلال الاقتصادي للأطفال، كما نصت على ذلك المادة 27 من اتفاقية حقوق الطفل، إذ تعترف الدول الأطراف بحق كل طفل في مستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاجتماعي.

النموذج الثاني:

تعاطف الكاتب مع الطفل منذ النظرة الأولى، حيث تبادل معه أطراف الحديث برفق وعطف وحنان بهدف معرفة سر ما تنطوي عليه تقاسيم وجهه الحزينة، فأدرك بعد ذلك أن السبب يعود إلى إعالة الطفل لوالدته المريضة في البيت.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-